ما وراء معطف المختبر: من علوم المواد إلى إدارة البرامج

تقول بترا سلامة، المسؤولة عن إدارة البرامج في الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمكلَّفة بمسؤولية مشاريع الوكالة للتعاون التقني في الصين وإندونيسيا وفييت نام: "ما يجعل وظيفتي مجزيةً للغاية هي تلك الصلة القائمة بين عملي ورفاه مجتمعات بأكملها".

وكانت بترا سلامة، وهي لبنانية الجنسية، قد انضمَّت إلى الوكالة في البداية كموظفة فنية مبتدئة، لكنها سرعان ما التحقت بإدارة التعاون التقني، حيث برعت كمسؤولة عن إدارة البرامج على مدار الأعوام الثمانية الماضية. (الصورة من: كلير كارلي/الوكالة)

تقول بترا سلامة، المسؤولة عن إدارة البرامج في الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمكلَّفة بمسؤولية مشاريع الوكالة للتعاون التقني في الصين وإندونيسيا وفييت نام: "ما يجعل وظيفتي مجزيةً للغاية هي تلك الصلة القائمة بين عملي ورفاه مجتمعات بأكملها".

وتعمل سلامة عن كثب مع خبراء البلدان للمساعدة على بناء القدرات الوطنية بالاستعانة بالتكنولوجيات النووية التي تدعم التنمية والاستدامة وجودة الحياة. وقد ساعد العمل والتنسيق الذي تقوم به بترا على إحداث تأثيرات كبيرة، بما في ذلك نشر تقنيات محسَّنة لإدارة التربة والمحاصيل في الدول العربية، ووضع مناهج علمية جديدة للمدارس الثانوية على نطاق آسيا والمحيط الهادئ، وتعزيز التعاون فيما بين بلدان الجنوب في مجال الطب النووي

وبين عامَي ٢٠١٥ و٢٠١٩ ، كانت سلامة أول امرأة تشغل دور جهة الاتصال للاتفاق التعاوني للدول العربية الواقعة في آسيا (اتفاق عراسيا)، إذ اضطلعت بتنسيق أنشطة التدريب والبحث والتطوير وتطبيقات العلوم والتكنولوجيا النووية فيما بين ١٠ بلدان في غرب آسيا. ويقول بلال نصولي، رئيس اتفاق عراسيا والمدير العام للهيئة اللبنانية للطاقة الذرية: "إدارة برنامج اتفاق عراسيا مسألة صعبة للغاية. ويتطلب الأمر من جهة الاتصال أن تقترح نُهجاً ابتكارية واستراتيجية وأن تحزرَ تقدُّماً كبيراً في تنفيذ الاتفاق. وقد قامت السيدة سلامة بعمل رائع في هذا المنصب".  

petra-laboratory-v2.png

في معهد الذرة في فيينا، شاركت بترا سلامة في دورة عملية عن فيزياء المفاعلات التجريبية والأبعاد الحركية للمفاعلات. (الصورة من: معهد الذرة في فيينا)

بين جدران المختبر

لم تكن إدارة المشاريع والبرامج دائماً ضمن الخطة المهنية التي وضعتها سلامة لنفسها. فهي عالمةٌ بكلّ معنى الكلمة.

ففي سنّ ٢٢ عاماً، غادرت سلامة وطنها لبنان لدراسة الكيمياء الفيزيائية والتحليلية في فرنسا. وفي عام ٢٠٠٦، حصلت على درجة الدكتوراة بامتياز من جامعة بيير وماري كوري، وهي الآن جزء من جامعة السوربون في باريس. ثم قبِلت سلامة منصبَ ما بعد الدكتوراة في معهد ماكس بلانك لعلوم المواد في شتوتغارت بألمانيا، حيث قادت مشاريع بحثية وصناعية في مجال علوم المواد لتطبيقات الطب الحيوي والطاقة.

وفي هذا الصدد، قالت سلامة: "رغبتُ دائماً في أن أخطو إلى ما هو أبعد من ذلك، وأن أتحدّى نفسي، وأن أغتنمَ مختلف الفرص المتاحة. والتعليم هو الخطوة الأولى! وينبغي إتاحة كل فرصة ممكنة للشابات لدراسة ما يحلمن به ولا ينبغي إثناؤهن عن الانضمام إلى أي مجال يَهْتَمِمْن به".

ما وراء معطف المختبر

تلقَّت سلامة عروض عمل مغرية من عدد من شركات الكيماويات الرائدة في العالم، لكنها رفضتها بعدَ أن تلقَّت مكالمة هاتفية غيَّرت، كما تقول، مسارَ حياتها المهنية نهائياً: "تهانينا، تمَّ اختيارك لوظيفة موظفة فنية مبتدئة في الوكالة الدولية للطاقة الذرية!"

والتحقت سلامة بشعبة العلوم الفيزيائية والكيميائية بالوكالة، حيث قدَّمت دعماً تقنياً لإعداد وتنفيذ الأنشطة في مجال بحوث المواد للتطبيقات النووية وتطبيقات الطاقة حول العالم.

وتتذكر سلامة الوقت الذي عملت به كمسؤولة عن إدارة البرامج للعديد من الدول العربية قائلة: "كانت خطوتي التالية هي الانتقال من وظيفة تقنية إلى وظيفة إدارية بدرجة أكبر في إدارة التعاون التقني بالوكالة، الأمر الذي أتاح لي فرصة إدارة مشاريع كانت في الغالب تقنيةً في مختلف مجالات العلوم والتكنولوجيا النووية التي تتراوح من الغذاء والزراعة إلى تطوير الطاقة النووية". "ولا يمكنني أن أتخيَّل تحولاً أفضل من الانتقال إلى منصب يمزج جميع جوانب اهتماماتي: تلك المنصبّة على الجوانب التقنية والإدارية والتنموية، وأن أقترحَ حلولاً مبتكرةً لتحديات العالم الواقعي بالاستعانة بالتكنولوجيا النووية."

وبعدَ أن بلغت نهاية أول تعيين لها لمدة سبع سنوات بالوكالة في عام ٢٠١٩، شرعت سلامة في التعاون مع جامعة طوكيو، كباحثة مدعوَّة، لدعم تطبيق التكنولوجيا الإشعاعية في تطوير المواد المتقدمة وأنظمة الوقاية من الإشعاعات. وتقول سلامة: "إن عملية التعلم المستمر هذه أساسية لعمل المسؤول عن إدارة البرامج، وبالتالي فإن تجربة استكشاف وتطبيق التكنولوجيات الجديدة، التي أتاحتها جامعة طوكيو، كانت تجربةً معرفيةً ثريةً وغنيةً بالمعلومات".

ويتذكرها رئيسُ الفريق الذي انضمت إليه في طوكيو باعتزاز. ويقول إيموتو تاكيشي، البروفسور بجامعة طوكيو: "تتسم بترا بموقف مذهل إزاء "إنجاز الأمور"، جنباً إلى جنب مع الشخصية الإيجابية وأخلاقيات العمل الراسخة، ما يجعلها متخصصة تقنية هائلة ومديرة هائلة بالقدر نفسه". "وعلى وجه الخصوص، أسهمَ استعدادها للتصدي لتحديات جديدة ومهاراتها في التواصل إلى إحراز تقدُّم في أجزاء مهمة من بحثنا."

وسلامة مديرة مشاريع في الحياة الواقعية أيضاً: فأثناء سعيها لتحقيق أحلامها المهنية والإسهام في إحداث تأثيرات إنمائية ملموسة، تقوم أيضاً بتربية ثلاثة أطفال صغار - الأمر الذي يتطلب تحقيق التوازن بين مهامّ مختلفة. وهنا تقول: "تلبية المتطلبات المستمرة لمهامي كمسؤولة عن إدارة البرامج، وفي نفس الوقت منح أطفالي كل الحب والدعم الذي يحتاجون إليه قد دفعني إلى بُعْد جديد. لم يكن الأمر سهلاً دائماً، لكن على المرء أن يرتقي إلى مستوى التحدي وأن يستمر في مساره".

وفي تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠٢٠، التحقت سلامة مجدداً بالوكالة في منصب مسؤول أول عن إدارة البرامج، حيث تولّت مهام إدارية وتنسيقية جديدة. وتقول سلامة: "كمسؤولين عن إدارة البرامج، نحن عازمون وملتزمون بمعالجة بعض المشاكل الاجتماعية والاقتصادية العالمية الأكثر إلحاحاً وإيجاد وتوفير الحلول لها أينما دعت الحاجة."

هذا وتسعى الوكالة إلى تحقيق التكافؤ بين الجنسين في المنظمة وتشجع النساء على التقدم للوظائف. اقرأ المزيد عن تركيز الوكالة على التكافؤ بين الجنسين.

chairing-a-meeting-1.jpg

وتدير بترا سلامة دورة تدريبية إقليمية للمدرسين لإدخال العلوم النووية في المدارس الثانوية في الفلبين. وتدير، كمسؤول أول عن إدارة البرامج، مشاريع تقنية مختلف مجالات من العلوم والتكنولوجيا النووية. (الصورة من: معهد البحوث النووية الفلبيني)

petra-laboratory-v2.png

At the Atominstitut in Vienna, Petra Salame participated in a practical course on experimental reactor physics and reactor kinetics. (Photo: Atominstitut Vienna)

Laboratory bound

Project and programme management had not always been Salame’s career plan. She is a scientist through and through.

At the age of 22, Salame left her native Lebanon to study physical and analytical chemistry in France. In 2006, she obtained her PhD with distinction from the Pierre and Marie Curie University, now part of the Sorbonne University in Paris. Salame then accepted a post-doctoral position at the Max Planck Institute for Materials Sciences in Stuttgart, Germany, where she led research and industrial projects in the field of material science for biomedical and energy applications.

“I always wanted to go further, to challenge myself and to try to open new doors and seize different opportunities,” she said. “Education is the first step! Young women should be given every chance to study whatever they dream of and should not be discouraged from joining any field they’re interested in.”

Beyond the lab coat

Salame got enticing job offers from some of the world’s leading chemical companies, but she turned them down after a phone call which, she says, changed the course of her career permanently: “Congratulations, you have been selected for a Junior Professional Officer position at the IAEA!”

Salame joined the IAEA’s Division of Physical and Chemical Sciences, where she provided technical support for the development and implementation of activities in material research for nuclear and energy applications around the world.

“My next move was from a technical position to a more managerial function in the IAEA’s Technical Cooperation Department, which offered me the opportunity to manage mostly technical projects in various areas of nuclear science and technology ranging from food and agriculture to nuclear power development,” she recalls of her time working as a PMO for several Arab States. “I couldn’t imagine a better transition than one towards a position which mixes all aspects of my interests: technical, managerial and development-focussed, proposing innovative solutions to real-world challenges using nuclear technology.”

After reaching the end of her first seven-year appointment at the IAEA in 2019, Salame embarked on a collaboration with the University of Tokyo, as an invited researcher, to support the application of radiation technology for advanced materials development and radiation protection systems. “This process of constant learning is central to the work of PMOs,” said Salame, “and so the experience of exploring and applying novel technologies, made possible by the University of Tokyo, was both edifying and informative.”

The head of the team she joined in Tokyo remembers her fondly. “Petra has a remarkable ‘get-things-done’ attitude and, along with her positive personality and strong work ethic, she makes a formidable technical specialist and manager, in equal measure,” said Iimoto Takeshi, Professor at the University of Tokyo. “In particular, her willingness to take on new challenges and her outreach skills contributed to advancing important parts of our research."

She is a project manager in real life as well: while pursuing her professional dreams and contributing to tangible development impact, she is also raising three small children – a real juggling act. “Handling the constant demands of PMO duties, and at the same time giving my kids all the love and support they need, pushed me into a new dimension. It hasn’t always been easy, but you just rise to the challenge and keep going!"

In November 2020, Salame rejoined the IAEA as a senior Programme Management Officer, taking on new management and coordination duties. “As PMOs, we are determined and committed to tackling some of the most pressing global socioeconomic problems and finding and delivering solutions to them wherever they are needed.”

The IAEA pursues gender parity at the organization and encourages women to apply to positions. Read more about the IAEA’s focus on gender equality.

chairing-a-meeting-1.jpg

Petra Salame moderates a regional training course for teachers to introduce nuclear sciences in secondary schools in the Philippines. As a senior Programme Management Officer, she manages technical projects in various areas of nuclear science and technology. (Photo: Philippine Nuclear Research Institute)