استخدام التِّقنيَّات النَّووية لمكافحة ملوحة التُّربة

قال فيثاغورس ذات مرة إنّ "الملح يولد من أنقى الآباء؛ الشمس والبحر". ولكن على الرغم من نقاوته، إلاَّ أنَّ وجوده بمعدَّلات كبيرة في التربة يمكن أن يؤثر على نمو النبات ويسبِّب مشكلة أساسيَّة للمزارعين، الأمر الذي يجعل التربة قاحلة، وبالتَّالي يهدد الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي.

انتشار الأراضي المالحة بشكل واسع في العراق بسبب الممارسات الزِّراعية السَّيئة في البلاد. (الصورة من: عبد الرَّزاق، وزارة العلوم والتكنولوجيا، العراق)

قال فيثاغورس ذات مرة إنّ "الملح يولد من أنقى الآباء؛ الشمس والبحر". ولكن على الرغم من نقاوته، إلاَّ أنَّ وجوده بمعدَّلات كبيرة في التربة يمكن أن يؤثر على نمو النبات ويسبِّب مشكلة أساسيَّة للمزارعين، الأمر الذي يجعل التربة قاحلة، وبالتَّالي يهدد الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي.

وتعمل الوكالة الدوليَّة للطاقة الذرية، بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، على رفع مستوى الوعي حول الطَّبقة العلويَّة الهشَّة من الأراضي التي نعتمد عليها جميعاً. ونحن نفقد في طعامنا هذا المورد الطبيعي الثَّمين بمعدَّل ينذر بالخطر، وذلك بسبب الممارسات الزراعية السيئة، وتغيُّر المناخ، وتسلُّل مياه البحر والتَّغيير في استخدام الأراضي، وتسرُّب المياه من السدود. وتُستخدم تقنيَّات النَّظائر في العديد من البلدان لدراسة مدى تدهور التُّربة وأسباب ذلك، وتزويد متخذي القرارات بالبيانات الصحيحة لحماية التُّربة.

ويتأثَّر 932 مليون هكتارٍ من الأراضي الزراعية على الصعيد العالمي - أي حوالي خمس إجمالي الأراضي في العالم - بملوحة التربة. ووفقاً لتقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإنَّ دول الشرق الأوسط، وتحديداً الدُّول العربية في آسيا تواجه المشكلة نفسها. ففي دول الخليج، مثل قطر والإمارات العربية المتحدة والكويت والعراق والمملكة العربية السعودية، تؤدِّي درجة الحرارة المرتفعة لا سيَّما خلال فصل الصيف دوراً رئيسيًّا في ملوحة التُّربة. وفي بلاد الشَّام، مثل لبنان وسوريا والأردن، فإدارة المياه هي أحد الأسباب الرئيسيَّة لملوحة التُّربة.

ولتجنُّب نقص الغذاء وتلبية الطلب المتزايد على عدد سكان العالم المتزايد، والذي من المُتوقَّع أن يرتفع إلى حوالي عشرة مليارات بحلول عام 2050، يجب رفع الإنتاج الزراعي بنسبة 60 في المائة على الصعيد العالمي وقد تصل النسبة إلى 100 في المائة في بعض البلدان النَّامية، وفقاً لمنظَّمة الفاو. ولذلك، فمعالجة ملوحة التربة لإطعام السكان أمر أساسي في هذه المرحلة.

وتعمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بالتعاون مع الفاو، مع البلدان التي تفقد الأراضي بسبب الملوحة على تطوير الممارسات الزراعية الذَّكيَّة مناخيًّا للتَّخفيف من ملوحة التربة والحفاظ على الأراضي الزِّراعية. وعمل مركز التقنيات النووية المشترك بين منظمة الأغذية والزراعة والوكالة الدولية للطاقة الذرية في مجال الأغذية والزراعة بشكل وثيق مع المؤسسات في 60 دولة لإيجاد حلول مستدامة لمكافحة ملوحة التُّربة. ويساعد المركز في بناء القدرات عبر استخدام مجموعة واسعة من تقنيات النظائر لزيادة الكفاءة في استخدام المواد المغذِّية والمياه في مواجهة ملوحة التربة المتزايدة وتعزيز تثبيت النتروجين البيولوجي (N) من خلال التقاط النتروجين في الغلاف الجوي (N2) والكربون (C) المُخزَّن في التربة المتأثرة بالملح.

ودُرِّب ستون باحثاً من عشر دول بين عامي 2014 و2019 على إدارة طرق استخدام الموادّ المغذِّية والتربة والمياه لمكافحة ملوحة التربة. ونُشِر كتاب مُتاح للجميع يحتوي على بروتوكولات لتقييم الملوحة، يشرح دور النظائر والتقنيات الأخرى المتعلِّقة بالمجال النووي لتطوير اتِّخاذ تدابير تخفيفيَّة وتكيُّفيَّة للاستخدام المستدام للتربة المالحة، بما في ذلك التربة ذات المحتوى العالي من الصوديوم. ومن خلال تطبيق بعضٍ من أفضل الممارسات الموضحة في الكتاب، نجح الخبراء في العديد من البلدان في زراعة المحاصيل ذات الغلَّات الكبيرة في ظلِّ ظروف المياه المالحة، وتشمل نبات الدخان في لبنان والشَّعير والزَّعفران في الأردن والكويت والبامية في سوريا والكينوا في الإمارات العربية المتحدة.

كما نشرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية وثيقة تقنيَّة حول ملوحة التُّربة في الدول الأعضاء في اتفاق عراسيا لتطوير مجموعات فعالة من التكنولوجيا من أجل الإدارة الفعالة والسليمة للأراضي المتأثرة بالملح. وتتضمَّن هذه الدِّراسة معلومات عن العراق والأردن والكويت ولبنان وقطر والمملكة العربية السعودية والجمهورية العربية السورية والإمارات العربية المتحدة واليمن. وكان الهدف الرئيسي من هذه الوثيقة هو مساعدة المزارعين على اختيار التقنيات المناسبة الأكثر فعالية للزراعة وتطبيقها في البيئات المالحة داخل بلدانهم. ويمكنكم الاطِّلاع على المنشور هنا.

وأشار نبيل بني هاني، مدير المركز الوطني للبحوث الزراعية في الأردن إلى أنَّه "بفضل العمل المشترك مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، نجح عُلماؤنا في تطبيق الممارسات الزِّراعيَّة المُراعية للمناخ والموصى بها لزراعة المحاصيل بنجاح في الظروف المالحة". وأضاف قائلاً إنَّه "عُرِضت هذه الممارسات وعُمِّمَت على 45 مزارعاً محليًّا وقاموا بتطبيقها وهم الآن يزرعون الشعير في منطقة مالحة".

ونجح هؤلاء المزارعون، عبر استخدام مياه الرَّي المالحة، في زراعة الشعير وتمكَّنوا من رفع إنتاجيَّة الحبوب لتصل إلى 2.5 طن لكلِّ هكتار - وهو أكثر من ضعف ما كانوا يحقِّقونه في السابق حين كانت زراعتهم تعتمد على الأمطار.

ويتبادل خبراء من الدول المشارِكة البيانات والمعلومات التقنية والممارسات الزراعية بالإضافة إلى البذور للمحاصيل القادرة على تحمُّل الملوحة لتقديم الدعم لبعضهم بعضاً.

وبمساعدة الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتنفيذ التقنيات النَّوويَّة، ستتمكن هذه البلدان من معالجة ملوحة التُّربة بشكل أفضل وبالتَّالي زيادة إنتاجيَّة محاصيلها.

img-20190626-wa0022.jpg

البامية تنمو في تُربة متأثرة بالملح في الأردن. (الصورة من: نبيل بني هاني/المركز الوطني للبحوث الزراعية في الأردن)

Addressing Soil Salinisation

The IAEA, in collaboration with FAO, is working with countries that lose land to salinity on developing climate-smart agricultural practices to mitigate soil salinity and preserve agricultural land. The Joint FAO/IAEA Centre of Nuclear Techniques in Food and Agriculture has worked closely with institutions in 60 countries to find sustainable solutions for combatting soil salinisation. The Centre helps build capacity in a wide range of isotopic techniques to increase nutrient and water use efficiencies in the face of growing soil salinity and increase biological nitrogen (N) fixation through the capture of atmospheric nitrogen (N2) and carbon (C) stored in salt-affected soils.

Sixty researchers from ten countries were trained between 2014-2019 in soil, nutrient and water management to combat soil salinity. An open access book was published, containing protocols for salinity assessment, explaining the role of isotopic and other nuclear-related techniques to develop mitigation and adaptation measures for the sustainable usage of saline soils, including soils with high sodium content. By applying some of the best practices described in the book, experts in several countries have successfully grown crops with significant yields under saline conditions. These include millet in Lebanon, barley and safflower in Jordan and Kuwait, okra in Syria and quinoa in the United Arab Emirates.

“Thanks to the joint work with the IAEA, our scientists applied the recommended climate-smart agricultural practices to successfully grow crops under saline conditions,” said Nabeel Bani Hani, Director of the National Agricultural Research Center in Jordan. “These practices were shown and disseminated to 45 local farmers who have incorporated them and are now happily growing barley in a saline region,” added Bani Hani.

Using saline irrigation water, these farmers are successfully growing barley with a grain yield of 2.5 tons per hectare – more than double of what they were able to achieve previously under rainfed conditions.

Experts from participating countries are exchanging data, technical information, agronomic practices and seeds for salt-tolerant crops to support each other.

img-20190626-wa0022.jpg

Okra grown under salt affected land in Jordan. (Photo: Nabeel Bani Hani / National Agricultural Research Center, Jordan)

Tackling Soil Salinity in Pakistan

Over a quarter of Pakistan’s agricultural land is affected by salinity. However, the country’s experts, in collaboration with the IAEA and the FAO, have developed different mitigation options to address this problem. These include the application of gypsum or acids to remove salts from the soil, of animal manure and chemical fertilisers to build up soil fertility, by using salt-tolerant crops, scrapping salts from surface soil and removing them through good irrigation water.

Excess fertilizer not taken up by plants contributes to increased soil salinity. Therefore, applying just the right amount of fertilizer is key. Scientists use nitrogen-15 (15N), a stable isotope of N, which helps to determine the exact amount of N crops need.

Another way in which nuclear techniques are used is in measuring the moisture content of the soil, so that the right amount of irrigation can be applied at the time the plants need it most. While conventional moisture sensors do not work properly under saline conditions, the soil moisture neutron probe functions well and is the most suitable sensor.

“Thanks to the collaboration with the IAEA, the problem of salinity in Pakistan was addressed by applying bio-saline agriculture technology which transformed the white face of our land into green,” said Wajid Ishaque, Principal Scientist at the Nuclear Institute for Agriculture and Biology (NIAB) in Pakistan. 

Animals grazing on salt-affected land in Pakistan. (Photo: M. Zaman/IAEA)

microsoftteams-image_0.jpg